الأربعاء، 13 ديسمبر 2017


أحــكام الحلــف بالطَّـــلاق في الفقه ألإسلامي
أ.د عبدالجبار العبيدي


مُقَدِّمَة
الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصَّمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وصلَّى الله وبارك على نبيّنا ألأكرم مُحَمَّد المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه وسلّم.
 أهمية الموضوع وسبب اختياره
هذه صفحات يسيرة تناولت فيها بالبحث والدّراسة مسألة تُعَدُّ من المعضلات، وهي: ما يترتّب على الحلف بالطَّلاق إذا حنث الحالف. وقد فشا وكَثُرَ جداً في الأزمنة والعصور المتأخرة الحلف بالطَّلاق في المجتمعات المسلمة. أسال الله أنْ ينفع بها المسلمين عامّة، وأنْ تكون ممَّا يزيد في عملي خيراً بعد مماتي.
خطة البحث
اقتضت طبيعة البحث ان اجعله في مبحثين بعد المقدمة وخاتمة اشتملت على أهم نتائج البحث وعلى النحو ألآتي:
المبحث الأوّل: بيان المقصود بالحلف بالطَّلاق عند الفقهاء
المطلب ألأول :المقصود بالحلف بالطَّلاق عند جماهير الفقهاء
المطلب الثاني :إطلاق اليمين على الطَّلاق المعلَّق مجاز لا حقيقة
المطلب الثالث :صور الحلف بالطَّلاق
المطلب الرابع: حكم الإقدام على الحلف بالطَّلاق
المبحث الثاني: حكم اليمين بالطَّلاق، وأدلة الفقهاء:
المطلب ألأول: حكم اليمين بالطَّلاق
المطلب الثاني :أدلة الفقهاء في حكم اليمين بالطَّلاق
الخاتمة  واشتملت على أهم النتائج
المبحث الأوّل: بيان المقصود بالحلف بالطَّلاق عند الفقهاء
المطلب ألأول :المقصود بالحلف بالطَّلاق عند جماهير الفقهاء تعليق الطَّلاق على نحو يفيد المنع من الفعل أو الحمل عليه أو يبعث على التَّصديق فإنْ كان التَّعليق لا يفيد شيئاً ممَّا ذكر كأنْ يكون التَّعليق على أمر غير اختياريّ نحو: إنْ طلعت الشَّمس فأنت طالق، لا يُعَدُّ التَّعليق حينئذ يميناً بالطَّلاق؛ بل يقال له: "الطَّلاق بصفة".
قال النَّوويّ: والطَّلاق بصفة أنْ يعلّق طلاقها بشرط لا تقدر على دفعه، كأنْ يقول لها: أنت طالق إذا طلعت الشَّمس أو إذا دخل أول الشَّهر أو جاء المطر أو قدم الحاج أو حضت أو إنْ ولدت أو إن شئت. وأمَّا اليمين بالطَّلاق فما قصد بها المنع من فعل أو الحثّ على فعل أو التَّصديق على فعل على الشَّكل التَّالي: فما قصد بها المنع من فعل كقوله: إنْ دخلت الدَّار فأنت طالق، وما قصد بها الحثّ على فعل كقوله: إنْ لم تدخلي الدَّار فأنت طالق، وما قصد بها التَّصديق على فعل كقوله: إنْ لم أكن دخلت الدَّار فأنت طالق، وهذا كُلّه حلف بالطَّلاق ([1]).
وقال ابن قدامة :هو تعليقه على شرط يقصد به الحثّ على الفعل أو المنع منه كقوله: إنْ دخلت الدَّار فأنت طالق، وإنْ لم تدخلي فأنت طالق أو على تصديق خبره مثل قوله: أنت طالق لو قدم زيد أو لم يقدم، وأمَّا التَّعليق على غير ذلك كقوله: أنت طالق إنْ طلعت الشمس أو قدم الحاج أو إنْ لم يقدم السُّلطان، فهو شرط محض ليس بحلف"([2]).
ومن الفقهاء من يضيف قيداً آخر للتَّعليق الذي يُعَدُّ يميناً،وهو أنْ يكون كراهية الزَّوج للطَّلاق أشدّ من كراهيته لوقوع الشَّرط؛ لأنَّ الحالف يلتزم أعظم المكروهين عنده ليمتنع به من أدنى المكروهين، فأمَّا إنْ كان كراهيته التَّمسُّك بعصمة الزَّوجيّة عند وجود الشَّرط أشدّ من كراهيته لوقوع الطَّلاق فإنَّ هذا النَّوع من التَّعليق عنده من باب الطَّلاق عند الصِّفة أو الطَّلاق بالصِّفة وليس من الحلف بالطَّلاق. أي إنَّه من حيث الصُّورة يقال له: (حلف بالطَّلاق)، أمَّا حقيقته وحكمه فطلاق بصفة، وحكمهما مختلف عنده خلافاً للجمهور فإنَّه يسوى بينهما في الوقوع، وهو فرق دقيق ، وترتَّب على هذه التَّفرقة خلافه الشَّهير مع جماهير أهل العلم من الفقهاء وغيرهم في حكم الحلف بالطَّلاق. يجب التَّفريق بين التَّعليق الذي يقصد به الإيقاع والذي يقصد به اليمين: فالأوَّل: أنْ يكون مريداً للجزاء عند الشَّرط، وإنْ كان الشَّرط مكروهاً له، لكنه إذا وجد الشَّرط فإنَّه يريد الطَّلاق، لكون الشَّرط أكره إليه من الطَّلاق، فإنَّه وإنْ كان يكره طلاقها ويكره الشَّرط لكن إذا وجد الشَّرط فإنَّه يختار طلاقها، مثل أنْ يكون كارهاً للتَّزوُّج بامرأة بغى أو فاجرة أو خائنة أو هو لا يختار طلاقها، لكن إذا فعلت هذه الأمور اختار طلاقها، فيقول: (إنْ زنيت أو سرقت أو خُنت فأنت طالق)، ومراده: إنْ فعلت ذلك أنْ يطلقها، إمَّا عقوبة لها وإمَّا كراهة لمقامه معها على هذا الحال، فهذا موقع للطَّلاق عند الصِّفة لا حالف. وأمَّا التَّعليق الذي يُقصد به اليمين فإنَّما يكون إذا كان كارهاً للجزاء وهو أكره إليه من الشَّرط، فيكون كارهاً للشَّرط وهو للجزاء أكره، ويلتزم أعظم المكروهين عنده ليمتنع به من أدنى المكروهين، فيقول: (إنْ فعلتُ كذا فامرأتي طالق أو عبيدي أحرار أو عليَّ الحج)، ونحو ذلك، أو يقول لامرأته: (إنْ زنيت أو سرقت أو خُنت فأنت طالق)، يقصد زجرها أو تخويفها باليمين لا إيقاع الطَّلاق إذا فعلت؛ لأنَّه يكون مريداً لها وإنْ فعلت ذلك، لكون طلاقها أكره إليه من مقامها على تلك الحالة، فهو علق بذلك لقصد الحظر والمنع، لا لقصد الإيقاع، فهذا حالف ليس بموقع، وهذا هو الحالف في الكتاب والسُّـنَّة، وهو الذي تجزئه الكفارة، والنَّاس يحلفون بصيغة القَسَم، وقد يحلفون بصيغة الشَّرط التي في معناها، فإنْ علم هذا وهذا سواء باتّفاق العلماء والله أعلم ([3]).
المطلب الثاني :إطلاق اليمين على الطَّلاق المعلَّق مجاز لا حقيقة
ذكر غير واحد من الأئمة الأعلام أنَّ إطلاق اليمين على الطَّلاق المعلَّق على الوجه الذي تقدّم ذكره عند الفقهاء هو مجاز لا حقيقة، من ذلك قال العلامة ابن دقيق العيد([4])عند شرح الحديث المتفق عليه: (من حلف على يمين بملة غير الإسلام كاذباً متعمّداً فهو كما قال)([5]): (الحلف بالشَّيء حقيقة هو القَسَم به وإدخال بعض حروف القَسَم عليه، كقوله: (والله)، (والرحمن)، وقد يُطلق على التَّعليق بالشَّيء (يمين)، كقولهم: مَنْ حلف بالطَّلاق، فالمراد تعليق الطَّلاق، وأطلق عليه الحلف لمشابهته باليمين في اقتضاء الحثّ والمنع)[6].
وجاء في المغني لابن قدامة من كلام القاضي: (وإنَّما سُمِّيَ تعليق الطَّلاق على شرط: (حلفاً) تجوّزاً، لمشاركته الحلف في المعنى المشهور، وهو: الحثّ أو المنع أو تأكيد الخبر"([7]).
المطلب الثالث :صور الحلف بالطَّلاق([8]):
للحلف بالطَّلاق صورتان من حيث الصِّيغة، هما:
[1] التَّعليق اللَّفظي أو الحسَّيّ:
 وهو ما تمّ الحلف فيه بصيغة التَّعليق وذُكرت فيه أداة من أدوات الشَّرط في الصِّيغة نفسها، كأن يقول الزَّوج: "إنْ اغتبتُ مسلماً فزوجتي طالق"، أو "إنْ آذت والدتي فهي طالق".
[2] التَّعليق المعنويّ أو القَسَميّ:
وهو أنْ يتم التَّعليق دون ذكر أداة من أدوات الشَّرط لفظاً، وإنَّما يوجد معناها، كقول الزَّوج: "عليَّ الطَّلاق لا أفعل كذا" أو "عليَّ الحرام لم أغبنك في السِّعر" أو "الطَّلاق يلزمني إنْ أخذت متاعك".
وهذا النَّوع يشتمل على التَّعليق ضمناً؛ لأنَّ معناه: إنْ فعلت كذا أو إنْ غبنتك في السِّعر أو أخذت متاعك فزوجتي طالق. جاء في حاشية ابن عابدين عند شرحه قول المصنّف: (ونقل السَّيّد الحموي عن الغاية معزياً إلى الجواهر: الطَّلاق لي لازم يقع بغير نيّة: قلت: لكن يحتمل أنْ يكون مراد الغاية إذا ذكر المحلوف عليه لِمَا علمت من أنَّه يُراد به في العرف التَّعليق، وإنَّ قوله: عليَّ الطَّلاق لا أفعل كذا، بمنزلة قوله: إنْ فعلت كذا فأنت طالق)([9]).

المطلب الرابع: حكم الإقدام على الحلف بالطَّلاق
قول أئمة الفقه في حكم الحلف بالطَّلاق دائر بين الكراهة والتَّحريم، قال القاضي أبو الوليد ابن رشد: (قَالَ قَوْمٌ: إِنَّ الْحَلِفَ الْمُبَاحَ فِي الشَّرْعِ هُوَ الْحَلِفُ بِاللَّهِ، وَإِنَّ الْحَالِفَ بِغَيْرِ اللَّهِ عَاصٍ)[10] ، قال رسول الله r: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)([11]).
وهى على وجهين أحدهما: أنْ يوجب على نفسه شيئاً من الأشياء إنْ فعل فعلاً أو إنْ لم يفعله ... إلى أنْ قال: فأمَّا ما يلزمه باتّفاق فاليمين بالطَّلاق([12]).
وفرَّق الحنابلة بين الحلف بذوات المخلوقات ـ كالحلف بالآباء والمشايخ واللَّيل والنَّهار ـ فجزموا فيه بالتَّحريم، والحلف بالطَّلاق والعتاق فقالوا: مكروه([13]). ويبدو كذلك أيضاً حكم الحلف بالطَّلاق مكروهاً عند الشَّافعيّة، فقد صرَّح النَّوويّ أنَّ النَّهي الوارد في الحلف بغير الله تعالى عند أئمة الشَّافعيّة محمول على الكراهة، وقال: "ليس للقاضي أنْ يستحلف مسلماً بالطَّلاق".
قال النَّوويّ في شرح حديث: (أَلا إنَّ الله يَنْهاكُمْ أنْ تَحْلِفُوا بآبائِكُمْ، فَمَنْ كانَ حالِفاً فَلْيَحْلِفْ بِاللَّه، وإلاَّ فَلْيَصْمُتْ)([14])، قال: "وفى هذا الحديث إباحة الحلف بالله تعالى وصفاته كُلّها، وهذا مجمع عليه، وفيه النَّهيّ عن الحلف بغير أسمائه سبحانه وتعالى وصفاته، وهو عند أصحابنا مكروه ليس بحرام"([15]).
وقال عند شرح الحديث: (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك)([16]): "وسواء في هذا كُلّه اليمين بالله تعالى أو بالطَّلاق والعتاق، إلاَّ أنَّه إذا حلَّفه القاضي بالطَّلاق أو بالعتاق تنفعه التَّورية ويكون الاعتبار بنيّة الحالف؛ لأنَّ القاضي ليس له التَّحليف بالطَّلاق والعتاق، وإنَّما يستحلف بالله تعالى"([17]). فظاهر قوله هذا أنَّه يرى النَّهيّ عن الحلف بغير الله تعالى في الحديث يشمل: الحلف بذوات المخلوقات، والحلف بالطَّلاق والعتاق على السَّواء، وقد صرَّح أنَّ الحلف بالمخلوقات على الكراهة عند أصحابهم الشَّافعيّة.
وجزم أبو محمد ابن حزم الظَّاهريّ ، بحرمة الحلف بالطَّلاق كالحلف بذوات المخلوقات سواء، فقال: "واليمين بالطَّلاق لا يلزم وسواء برَّ أو حنث لا يقع به طلاق، ولا طلاق إلاََّ كما أمر الله عزَّ وجلَّ، ولا يمين إلاَّ كما أمر الله عزَّ وجلَّ على لسان رسوله r، وذكر حديث ابن عمرعن النَّبيّ r: (مَنْ كان حالفاً فلا يحلف إلاَّ بالله)، ثُمَّ قال: "فارتفع الإشكال في كل حلف بغير الله عزَّ وجلَّ، فإنَّه معصية وليس يميناً"([18]).
وأمَّا عند فقهاء الحنابلة فإنَّ الحلف بالطَّلاق عند بعضهم مشروع؛ لأنَّه قسَّم الأيمان التي يحلف بها النَّاس قسمين: أيمان المسلمين، وأيمان أهل الشِّرك، وعدَّ الحلف بالطَّلاق والعتاق من أيمان المسلمين، وقالوا: إنَّه في معنى الحلف بالله تعالى، وقالوا: وأيمان المسلمين التي هي في معنى الحلف بالله مقصود الحالف بها تعظيم الخالق لا الحلف بالمخلوقات، كالحلف بالنَّذر، والحرام، والطَّلاق، والعتاق، ولكنه مكروه([19]).













المبحث الثاني: حكم اليمين بالطَّلاق، وأدلة الفقهاء:
المطلب ألأول: حكم اليمين بالطَّلاق
اختلف الفقهاء في اليمين بالطَّلاق أو الطَّلاق المعلَّق على ثلاثة أقوال، هي([20]):
القول الأوّل: يقع الطَّلاق المعلّق متى وجد المعلّق عليه سواء أكان فعلاً لأحد الزَّوجين أم كان أمراً سماوياً وسواء أكان التَّعليق قَسَمياً وهو الحثّ على فعل شيء أو تركه أو تأكيد الخبر أم شرطياً، يُقصد به حصول الجزاء عند حصول الشَّرط.
والقول الثَّاني: اليمين بالطَّلاق أو الطَّلاق المعلّق إذا وجد المعلّق عليه لا يقع أصلاً، سواء أكان على وجه اليمين ـ وهو ما قصد به الحث على فعل شيء أو تركه أو تأكيد الخبر ـ أم لم يكن على وجه اليمين ـ وهو ما قصد به وقوع عند حصول المعلّق عليه ـ وهو المُسمَّى: "الطَّلاق بالصِّفة". وهذا قول الظَّاهريّة والشِّيعة الأماميّة.[21]
والقول الثَّالث: إنْ كان التَّعليق قَسَمياً أو على وجه اليمين ووجد المعلّق عليه لا يقع، ويجزيه كفارة يمين، وأمَّا إنْ كان التَّعليق شرطياً أو على غير وجه اليمين فيقع الطَّلاق عند حصول الشَّرط. وهذا قول ابن القيم على هذا التَّفصيل، وخالف في وجوب الكفارة.
يقول: في بيان وإيضاح قوله هذا، وهو يعرض الصِّيغ الثَّلاث التي يتكلّم بها النَّاس في: الطَّلاق، والنَّذر، والظِّهار، والحرام، وهى صيغة التَّنجيز نحو: أنت طالق، وصيغة الحلف نحو: الطَّلاق يلزمني لا أفعل كذا، وصيغة التَّعليق نحو: إنْ خرجت فأنت طالق. قال: "والنَّوع الثَّالث من الصِّيغ: أنْ يعلّق الطَّلاق أو العتاق أو النَّذر بشرط فيقول: إنْ كان كذا فعليَّ الطَّلاق أو الحج أو فعبيدي أحرار، ونحو ذلك، فهذا ينظر إلى مقصوده، فإنْ كان مقصوده أنْ يحلف بذلك ليس غرضه وقوع هذه الأمور ـ كمن ليس غرضه وقوع الطَّلاق إذا وقع الشَّرط ـ فحكمه حكم الحالف، وهو من باب اليمين، وأمَّا إنْ كان مقصوده وقوع هذه الأمور ـ كمن غرضه وقوع الطَّلاق عند وقوع الشَّرط ـ مثل أنْ يقول لامرأته: إنْ أبرأتني من صداقك فأنت طالق، فتبرئه أو يكون غرضه أنَّها إذا فعلت فاحشة أنْ يطلقها، فيقول: إذا فعلت كذا فأنت طالق، بخلاف مَنْ كان غرضه أنْ يحلف عليها ليمنعها، ولو فعلته لم يكن له غرض في طلاقها، فإنَّها تارة يكون طلاقها أكره إليه من الشَّرط، فيكون حالفاً وتارة يكون الشَّرط المكروه أكره إليه من طلاقها، فيكون موقعاً للطَّلاق إذا وجد ذلك الشَّرط فهذا يقع به الطَّلاق"([22]).
وقال: "فالحالف هو الذي يلتزم ما يكره وقوعه عند المخالفة كقوله: إنْ فعلت كذا فأنا يهوديّ أو نصرانيّ، ونسائي طوالق، وعبيدى أحرار، وعليَّ المشي إلى بيت الله، فهذا ونحوه يمين"([23]).
المطلب الثاني :أدلة الفقهاء في حكم اليمين بالطَّلاق:
أدلة القول الأوَّل:
أوّلاً: استدلوا بإطلاق الآيات الدَّالة على مشروعيّة الطَّلاق وتفويض الأمر فيه إلى الزَّوج، مثل قوله تعالى ]الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ[([24]) ، فهي لم تفرّق بين منجز ومعلّق، ولم تقيّد وقوعه بشيء، والمطلق يعمل به على إطلاقه، فيكون للزَّوج إيقاع الطَّلاق حسبما يشاء منجزاً أو مضافاً أو معلّقاً على وجه اليمين أو غيره ما دام كُلّ ذلك من أساليب لغة العرب في الكلام.
قال العلامة القاضي الشَّوكانيّ رداً على العلامة ابن حزم وأصحابه الظَّاهريّة ومَنْ وافقهم في القول بعدم وقوع الطَّلاق المعلّق مطلقاً: "ومَنْ شكَّك في وقوع الطَّلاق المشروط فهو لم يأت تشكيكه بطائل؛ فإنَّ التَّقييد بالشُّروط في الكتاب والسُّـنَّة لا يحيط به الحصر، فضلاً عن كلام العرب، وليس هذا التَّشكيك مختصاً بالطَّلاق؛ بل يجرى في جميع الأبواب، وفي كُلّ شرط مستقبل في اللُّغة العربيّة بأسرها، وهذا دفع للشَّرع بالصَّدر، فضلاً عن كونه رداً للغة العرب"([25]).
ثانياً: الحالف بالطَّلاق التزم الطَّلاق عند الشَّرط فيلزمه عملاً بالآية: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ[([26]) . قال القاضي أبو الوليد بن رشد القرطبيّ([27]): "الأصل في وجوب الأيمان بالطَّلاق قول الله عزَّ وجلَّ: ]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم[ يريد: عقد اليمين، وعقد النَّذر، وسائر العقود اللازمة في الشَّرع"([28]).
ردّ  بعض فقهاء الحنابلة على هذا الاستدلال بقولهم: "وأمَّا قول القائل: إنَّه التزم الطَّلاق عند الشَّرط فيلزمه، فهذا الباطل من أوجه:
أحدها: أنَّ الحالف بالكفر والإسلام، كقوله: إنْ فعلت كذا فأنا يهوديّ أو نصرانيّ، وقول الذِّميّ: إنْ فعلت كذا فأنا مسلم، هو التزام للكفر والإسلام عند الشَّرط، ولا يلزمه ذلك بالاتّفاق؛ لأنَّه لم يقصد وقوعه عند الشَّرط، بل قصد الحلف به، وهذا المعنى موجود في سائر أنواع الحلف بصيغة التَّعليق.
ثانيها: أنَّه إذا قال: إنْ فعلت كذا فعليَّ أنْ أطلق امرأتي، لم يلزمه أنْ يطلقها بالاتّفاق إذا فعله.
ثالثها: أنَّ الملتزم لأمر عند الشَّرط أنَّما يلزمه بشرطين: أحدهما أنْ يكون الملتزم به قربة، والثَّاني أنْ يكون قصده التَّقرُّب إلى الله تعالى به لا الحلف به، فلو التزم ما ليس بقربة كالتَّطليق، والبيع، والإجارة، والأكل والشُّرب، لم يلزم، ولو التزم قربة كالصَّلاة، والصِّيام، والحج، على وجه الحلف بها لم يلزم؛ بل تجزيه كفارة يمين عند الصَّحابة وجمهور السَّلف، وهو مذهب مالك، وهنا الحالف بالطَّلاق هو التزم وقوعه على وجه اليمين، وهو يكره وقوعه إذا وجد الشَّرط كما يكره وقوع الكفر إذا حلف به، وكما يكره وجوب تلك العبادات إذا حلف بها([29]).
ثالثاً: استدلوا بالحديث: (المسلمون عند شروطهم)([30])، وبآثار كثيرة مروية عن الصَّحابة رضوان الله عليهم، من ذلك:
[1] ما أخرجه البخاريّ عن ابن عمر قال: "طلّق رجل امرأته البتة إنْ خرجت، فقال ابن عمر: إنْ خرجت فقد بتّت منه، وإنْ لم تخرج فليس بشيء"([31]).
[2] وما رواه البيهقيّ عن ابن مسعود  في رجل قال لامرأته: إنْ فعلت كذا وكذا فهي طالق، ففعلته، فقال: هي واحدة وهو أحقّ بها.([32])
[3] وما صحَّ عن أبي ذر الغفاري  أنَّ امرأته لَمَّا ألّحت عليه في السُّؤال عن السَّاعة التي يستجيب الله تعالى فيها الدُّعاء يوم الجمعة، قال لها: إنْ عدت سألتني فأنت طالق.
[4] وما أسنده ابن عبد البر عن عائشة قالت: "كُلّ يمين وإنْ عظمت ففيها الكفارة إلاَّ العتق والطَّلاق".
[5] وما رواه البيهقيّ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ في رجل قال لامرأته: هي طالق إلى سنة، قال: "يستمتع بها إلى سنة".
[6] وعن الحسن البصريّ فيمن قال لامرأته: أنت طالق إنْ لم أضرب غلامي فأبق الغلام قال: "هي امرأته يستمتع بها ويتوارثان حتَّى يفعل ما قال، فإنْ مات الغلام قبل أنْ يفعل ما قاله فقد ذهبت منه امرأته.
[7] وروى البيهقيّ عن أبي الزناد عن فقهاء المدينة أنَّهم كانوا يقولون: أيّما رجل قال لامرأته: أنت طالق إنْ خرجت حتَّى اللَّيل، فخرجت امرأته قبل اللَّيل بغير علمه طلقت امرأته.
رابعاً: القياس على العتق إلى أجل، فإنَّ السَّيّد إذا قال للمملوك: إذا مضى شهر من اليوم فأنت حُرٌّ صار حُرَّاً بعد مضى الشَّهر، جاء في متن "المهذب" للشّيرازيّ: "ولأنَّ الطَّلاق كالعتق لأنَّ لكُلّ واحد منهما قوّة وسراية، ثُمَّ العتق إذا علّق على شرط وقع بوجوده، ولم يقع قبل وجوده، فكذلك الطَّلاق"([33]).
أدلة القول الثَّاني:
استدلَّ الظَّاهريّة على قولهم وقول الإماميّة بأنَّ تعليق الطَّلاق يمين بغير الله تعالى مُحرَّم لا يجوز، والطَّلاق لا يقع إلاَّ إذا كان على الوجه الذي شرعه الله تعالى، وكذلك الكفارة لا تلزم إلاَّ في اليمين بالله تعالى، ورغم أنَّ الظَّاهريّة لا يقولون بالقياس إلاَّ إنَّه ورد في كلام أبي محمد بن حزم ما يُعَدُّ احتجاجاً بالقياس، قال : في "المحلَّى": "واليمين بالطَّلاق لا يلزم، وسواء برَّ أو حنث لا يقع به طلاق، ولا طلاق إلاَّ كما أمر الله عزَّ وجلَّ، ولا يمين إلاَّ كما أمر الله عزَّ وجلَّ على لسان رسوله e، برهان ذلك قول الله عزَّ وجلَّ: ]ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ([34])[، وجميع المخالفين لنا هنا لا يختلفون في أنَّ اليمين بالطَّلاق، والعتاق، والمشي إلى مكة، وصدقة المال، فإنَّه لا كفارة عندهم في حنثه في شيء منه إلاَّ بالوفاء بالفعل أو الوفاء باليمين، فصحَّ بذلك يقيناً أنَّه ليس شيء من ذلك يميناً، إذ لا يمين إلاَّ ما سماه الله تعالى يميناً، وقول رسول الله e الذي رويناه عن ابن عمر عن رسول الله e قال: (مَنْ كان حالفاً فلا يحلف إلاَّ بالله)([35])، فارتفع الإشكال بأنَّ كُلّ مَنْ حلف بغير الله عزَّ وجلَّ فإنَّه معصية وليس يميناً".
وقال في موضع آخر: "ثُمَّ نقول لهم: من أين أجزتم الطَّلاق بصفة، ولم تجيزوا النِّكاح بصفة والرَّجعة بصفة؟ كمن قال: إذا دخلت الدَّار فقد راجعت زوجتي المطلقة أو قال: فقد تزوجتك، وقالت هي مثل ذلك، وقال الولي مثل ذلك، ولا سبيل إلى فرق، وبالله تعالى التَّوفيق([36]).
وأجاب الحنابلة عن استدلاله بأنَّ الحلف بالطَّلاق حلف بغير الله مُحرَّم غير مشروع، ولا كفارة إلاَّ في اليمين المشروع، بقوله: "وأمَّا قول القائل: هذا حالف بغير الله فلا يلزمه كفارة، فيقال: النَّص ورد فيمن حلف بالمخلوقات، ولهذا جعله شركاً؛ لأنَّه عقد اليمين بغير الله تعالى، فمن عقد اليمين لله فهو أبلغ مِمَنْ عقدها بالله، ولهذا كان النَّذر أبلغ من اليمين فوجوب الكفارة فيما عقد لله أولى من وجوبها فيما عقد بالله، والله اعلم"([37]).
وذكر أبو محمد بن حزم الخلاف في المسألة عند المتقدمين من الصَّحابة والتَّابعين ومَنْ بعدهم، فقال: "وهذا مكان اختلف فيه، فصحَّ عن الحسن فيمن قال لامرأته: أنت طالق إنْ لم أضرب غلامي فأبق الغلام، قال: هي امرأته ينكحها ويتوارثان حتَّى يفعل ما قال، فإنْ مات الغلام قبل أنْ يفعل ما قال فقد ذهبت منه امرأته، ومن طريق عبد الرَّزاق عن محمد عن مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيّب في رجل طلق امرأته إنْ لم يفعل كذا؟ قال: لا يقرب امرأته حتَّى يفعل ما قال. فإنْ مات قبل أنْ يفعل فلا ميراث بينهما، وصحَّ خلاف هذا عن طائفة من السَّلف، كما روينا من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء في رجل قال لامرأته: أنت طالق إنْ لم أتزوج عليك، قال: إنْ لم يتزوّج عليها حتَّى تموت أو يموت توارثا، ومن طريق عبد الرزاق عن سفيان الثَّوريّ عن غيلان بن جامع عن الحكم بن عتيبة قال في الرجل يقول لامرأته: أنت طالق إنْ لم أفعل كذا ثُمَّ مات أحدهما قبل أنْ يفعل، فإنَّهما يتوارثان، قال سفيان الثَّوريّ: إنَّما وقع الحنث بعد الموت.
قال أبو محمد: هذا عجيب! ميت يحنث بعد موته([38])؟.
وما ذكره أبو محمد عن الحسن وسعيد بن المسيّب، وكذلك قول سفيان: الثَّوريّ إنَّما وقع الحنث بعد الموت، كُلّ ذلك ظاهر بيِّن الدَّلالة على أنَّهم يقولون: اليمين بالطَّلاق يقع به الطَّلاق إذا حنث الحالف، وأمَّا ما ذكره عن عطاء والحكم فليس بصريح؛ بل هو محتمل، ويحتمل الوجه الذي ذكره سفيان الثَّوريّ وإنْ لم يوافقه ابن حزم ، فالجزم بأنَّ عطاء والحكم لا يقولان بوقوع الطَّلاق بالحلف بالطَّلاق إذا وقع الحنث بناءً على هذا النَّقل قول بالمتشابه، والله أعلم.
قال أبو محمد ابن حزم: "ومِمَنْ روى عنه مثل قولنا كما روينا من طريق حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن أنَّ رجلاً تزوج امرأة وأراد سفراً، فأخذه أهل امرأته فجعلها طالقاً إنْ لم يبعث بنفقتها إلى شهر، فجاء الأجل ولم يبعث إليها بشيء، فلمَّا قَدِمَ خاصموه إلى عليu، فقال عليu: اضطهدتموه حتَّى جعلها طالقاً فردّها عليه، ومن طريق عبد الرزاق عن هشام بن حسّان عن محمد بن سيرين عن شريح أنَّه خوصم إليه في رجل طلّق امرأته إنْ أحدث في الإسلام حدثاً فاكترى بغلاً إلى "حمام أعين"([39]) فتعدى به إلى "أصبهان"([40])، فباعه واشترى به خمراً، فقال شريح: إنْ شئتم شهدتم عليه أنَّه طلقها، فجعلوا يرددون عليه القصة ويردد عليهم، فلم يره حدثاً"([41]).
قال أبو محمد: "لا متعلّق لهم بما رُوِيَ من قول علي u: "اضطهدتموه"؛ لأنَّه لم يكن هنالك إكراه، وإنَّما طالبوه بحقّ نفقتها فقط، فإنَّما أنكر علي اليمين بالطَّلاق فقط، ولم ير الطَّلاق يقع بذلك"([42]).
قلت: ما رواه عن علي u أظهر في القول بأنَّه لم ير الطَّلاق واقعاً لأجل الإكراه، وذلك من وجهين:
الوجه الأوَّل: قول الرَّاوي : "فقال عليu: اضطهدتموه حتَّى جعلها طالقاً، فردها عليه"، ذِكْر الردّ مقترناً بالفاء مشعر بالتَّرتيب والتَّعقيب، فيكون الحكم بردّ الزَّوجة مترتباً على قول علي u: "اضطهدتموه حتَّى جعلها طالقاً". والاضطهاد هنا: الإكراه.
والوجه الثَّاني: لو كان ردّ الزَّوجة بناءً على أنَّ الحلف بالطَّلاق لا يقع به طلاق لم يكن مناسباً ذكر الاضطهاد الذي لا تأثير له في الحكم، وإغفال ذكر ما توهّمه المدعون حقّاً ـ وهو وقوع الطَّلاق بالحلف ـ إذ المدعون لم يخاصموا الزَّوج بشأن أنَّه أتى منكراً هو الحلف بالطَّلاق، وإنَّما خاصموه يريدون تخليص ابنتهم منه بالطَّلاق الذي ظنّوا وقوعه بالتَّعليق، لذا انتظروا حتَّى وقع الحنث ثُمَّ خاصموه.
أدلة القول الثَّالث:
أوَّلاً: الاستدلال بالمنقول من الكتاب والسُّـنَّة.
قال فقهاء الحنابلة في الاستدلال لقوله بعد أنْ بيَّنوا أنَّ في الحلف بالطَّلاق ثلاثة أقوال هي:
القول الأوَّل: يلزمه الطَّلاق إذا حنث.
والقول الثَّاني: يمين غير منعقدة، فلا شيء فيها إذا حنث.
والقول الثَّالث: إنَّه إذا حنث لزمته كفارة يمين.
ثُمَّ قالوا بعد ذلك: "والقول الثَّالث هو الذي يدلُّ عليه الكتاب والسُّـنَّة والاعتبار، وعليه تدلُّ أقوال أصحاب رسول الله e في الجملة، كما قد بسط في موضعه، وذلك أنَّ الله تعالى قال في كتابه: ]وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ
أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ
[([43]) ، وقال تعالى: ]قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ[([44]) .
وثبت في الصَّحيح عن النَّبيّ e أنَّه قال: (مَنْ حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير، وليكفِّر عن يمينه)([45]).
وهذا يتناول جميع أيمان المسلمين لفظاً ومعنى. أمَّا اللَّفظ فلقوله تعالى: ]قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ[، وقوله: ]ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ[، وهذا خطاب للمؤمنين، فكُلّ ما كان من أيمانهم فهو داخل في هذا. والحلف بالمخلوقات شرك ليس من أيمانهم لقول النَّبي e: (مَنْ حلف بغير الله فقد أشرك)([46]). فلا تدخل هذه في أيمان المسلمين.
وأمَّا ما عقده بالله أو لله فهو من أيمان المسلمين، فيدخل في ذلك، ولهذا لو قال: أيمان المسلمين أو أيمان البيعة تلزمني، ونوى دخول الطَّلاق والعتاق دخل في ذلك، كما ذكر ذلك الفقهاء، ولا أعلم فيه نزاعاً، ولا يدخل في ذلك الحلف بالكعبة وغيرها من المخلوقات، وإذا كانت من أيمان المسلمين تناولها الخطاب"([47]).
وأمَّا من جهة المعنى فهو إنَّ الله تعالى فرض الكفارة في أيمان المسلمين لئلا تكون اليمين موجبة عليهم أو محرَّمة عليهم لا مخرج لهم، كما كانوا عليه في أوَّل الإسلام قبل أنْ تشرع الكفارة، لم يكن للحالف مخرج إلاَّ الوفاء باليمين، فلو كان من الأيمان ما لا كفارة فيه كانت هذه المفسدة موجودة.
وأيضاً فقد قال الله تعالى: ]وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ[([48]) ، نهاهم الله تعالى أنْ يجعلوا الحلف بالله مانعاً لهم من فعل ما أمر به؛ لئلا يمتنعوا عن طاعته باليمين التي حلفوها، فلو كان في الأيمان ما ينعقد ولا كفارة لكان ذلك مانعاً لهم من طاعة الله تعالى إذا حلفوا به([49]).
وردَّ على استدلال الحنابلة بعموم الآيات والأحاديث في أحكام الأيمان بأنَّ الطَّلاق المعلَّق لا يُسمَّى: "يميناً" لا شرعاً ولا لغة، وإنَّما هو يمين على سبيل المجاز، لمشابهة اليمين الشَّرعيّة في إفادة الحثّ على الفعل أو المنع منه أو تأكيد الخبر، فلا يكون له حكم اليمين الحقيقيّ ـ وهو الحلف بالله تعالى أو صفة من صفاته ـ؛ بل له حكم آخر: وهو وقوع الطَّلاق عند حصول المعلَّق عليه([50]).
ان الطَّلاق المعلَّق لا يُسمَّى: "يميناً" لا شرعاً ولا لغة، وإنَّما هو يمين على سبيل المجاز، يرد عليه أمران:
الأمر الأوَّل: الحديث المتفق عليه أنَّ النَّبيّ e قال: (مَنْ حلف بغير ملة الإسلام فهو كما قال)([51])، وفي رواية مسلم: (...كاذباً متعمّداً فهو كما قال)، وجاء في تفسير: "الحلف بغير ملة الإسلام" كأنْ يقول الحالف: إنْ فعل كذا فهو يهوديّ أو إنْ كان فعل كذا فهو يهوديّ. ففي هذا الحديث على هذا التَّفسير إطلاق اليمين أو الحلف على التَّعليق بشرط، فكيف يُقال: تعليق الطَّلاق لا يُسمَّى "يميناً" في الشَّرع، فما الفرق بين هذا وذاك؟
والأمر الثَّاني: يرد على قولهم الطَّلاق المعلَّق ليس بيمين في اللُّغة، وإنَّما سُمِّيّ: "يميناً" من باب المجاز، يرد على هذا أنَّ المجاز من لغة العرب، وإنَّما يتجه قولهم أنَّه لا يشمله عموم النُّصوص في أحكام اليمين إذا ثبت أنَّ إطلاق اليمين على التَّعليق بشرط أحدث أو عرف عند العرب بعد عصر النَّبوة، و أنَّ الحلف أو اليمين بصيغة الشَّرط معلوم، كالعلم باليمين بصيغة القَسَم، فقال: والنَّاس يحلفون بصيغة القَسَم، ويحلفون بصيغة الشَّرط التي في معناها، فإنْ علم هذا وهذا سواء باتّفاق العلماء، والله أعلم"([52]).
ثانياً: القياس على فتوى بعض الصَّحابة بلزوم كفارة اليمين على مَنْ حلف بالعتق فحنث، كمن قال: عبيدي أحرار إنْ فعلت كذا، وفعل ما حلف ألاَّ يفعله، ان الصَّحابة ثبت عنهم أنَّهم أفتوا في الحلف بالعتق الذي هو أحبّ إلى الله تعالى من الطَّلاق: إنَّه لا يلزم الحالف به؛ بل يجزيه كفارة يمين، فكيف يكون قولهم في الطَّلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله؟ وهل يُظَنّ بالصَّحابة أنَّهم يقولون فيمن حلف بما يحبّه الله من الطَّاعات ـ كالصَّلاة، والصِّيام، والصَّدقة، والحج ـ أنَّه لا يلزمه أنْ يفعل هذه الطَّاعات؛ بل يجزيه كفارة يمين، ويقولون فيما لا يحبّه الله بل يبغضه: إنَّه يلزم مَنْ حلف به؟ ([53]).
وقال في موضع آخر: "وكذلك قال أصحاب رسول الله e مثل: ابن عمر، وابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وزينب ربيبة النَّبيّ e، وغير واحد من الصَّحابة في مَنْ قال: إنْ فعلت كذا فكُلّ مملوك لي حُرّ، قالوا: يُكفِّر عن يمينه ولا يلزمه العتق، هذا مع أنَّ العتق طاعة وقربة، فالطَّلاق لا يلزمه بطريق الأوْلَى)([54]).     
وأجيب عن هذا الاستدلال بأنَّ الآثار المروية عن الصَّحابة في وقوع الطَّلاق المعلَّق على وجه اليمين أقوى ممَّا روى عن بعضهم في الحلف بالعتق؛ لأنَّ رواة تلك الآثار من رجال الصَّحيح([55]).
ثالثاً: ما رواه البخاريّ عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: (الطَّلاق عن وطر، والعتق ما ابتغى به وجه الله)([56]).
و بيان المقصود من قول ابن عباس مستدلاً به: "بيَّن ابن عباس أنَّ الطَّلاق إنَّما يقع بمَنْ غرضه أنْ يوقعه، لا لمن يكره وقوعه، كالحالف به والمكره عليه"([57]).
وأجيب عن هذا بأنَّ معناه لا ينبغي للرجل أنْ يطلق امرأته إلاَّ عند الحاجة كالنُّشوز، قال الحافظ ابن حجر في شرح قول ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ المذكور: "أي أنَّه لا ينبغي للرجل أنْ يطلق امرأته إلاَّ عند الحاجة كالنُّشوز، بخلاف العتق فإنه مطلوب دائماً،والله اعلم.
لقدأظهر العلامة القاضي محمد بن علي الشَّوكانيّ ميلاً إلى القول بعدم وقوع الطَّلاق بمجرّد الحلف به إذا كان بصيغة: علىَّ الطَّلاق لأفعلنَّ كذا أو الطَّلاق يلزمني إنْ فعلت كذا، قال: فاعلم أنَّ إيقاع الطَّلاق على الزَّوجة قد يكون بانشاء لفظ يدلُّ عليه أو بالإخبار عن وقوع طلاق منه متقدّم أو بالشَّرط نحو: إنْ دخلت الدَّار فأنت طالق. وأمَّا قول القائل عليه الطَّلاق أو يلزمه الطَّلاق ونحو ذلك فليس من ذلك في شيء، ولم يجعله الله تعالى على رجل طلاقاً، ولا ألزم أحداً من عباده به، ولا يصح من العبد أنْ يجعل على  نفسه غير ما جعله الله تعالى عليه، ويلزمها غير ما ألزمه الله تعالى به، وهو لم يكن مريداً بالحلف بالطَّلاق فراق زوجته وإخراجها من حباله حتَّى يكون هذا اللَّفظ بمنزلة كنايات الطَّلاق؛ بل هو لم يرد إلاَّ تأكيد وقوع ما حلف على وقوعه أو تأكيد نفي ما حلف على نفيه، فمن قال: عليه الطَّلاق ليفعلنَّ كذا أو عليه الطَّلاق ما فعل كذا أو يلزمه الطَّلاق ليفعلنَّ كذا أو عليه الطَّلاق ما فعل كذا أو يلزمه الطَّلاق ليفعلنَّ أو ما فعل فليس المراد له والمقصود منه عند التَّكلُّم بهذا الكلام إلاَّ وقوع ذلك الأمر أو عدم وقوعه، ولكنه أراد أنْ يشعر السَّامع بحرصه وتكالبه على الوقوع أو عدمه. وإذا تقرَّر لك هذا علمت أنَّ وقوع الطَّلاق بمجرّد الحلف به في حيز الإشكال لأنَّه ألزم نفسه بما لا يلزمها، لا من جهة الشَّرع ولا من جهة الشَّخص نفسه، ولم يكن في لفظه ما يدلُّ على الفرقة، ولا ظهر منه حال الحلف أنَّه يريد الطَّلاق بهذا اللَّفظ الذي جاء به حال التَّكلُّم به، ولا أنَّه مريد له في المستقبل إلاَّ الإخبار بحرصه على وقوع ما حلف عليه بالطَّلاق أو عدم وقوعه. وبالجملة فليس في الشَّرع ما يدلُّ على وقوع هذا الطَّلاق، ولا في اللَّفظ ولا في القصد، فتدبَّر هذا"([58]).
وأمَّا التَّعليق بذكر أداة الشَّرط إنْ قصد منه الحلف فقد سكت عنه الشَّوكانيّ، ولم يظهر ميلاً لا إلى قول الجمهور بوقوع الطَّلاق به، ولا إلى قول الحنابلة بعدم وقوع الطَّلاق به، ولا يبعد أنْ يكون موقفه ورَأْيه من هذا يختلف عن رَأْيه الذي أبداه في الحلف بصيغة الطَّلاق: يلزمني وعلىَّ الطَّلاق لأفعلنَّ كذا، وذلك لأنَّ الحلف بهذه الصِّيغة ذكر فقهاء الحنابلة الخلاف في وقوع الطَّلاق به في مذهبي أبى حنيفة والشَّافعي، بخلاف الحلف بصيغة التَّعليق فإنَّه لم يذكر فيه خلافاً في أحد من المذاهب الإسلامية؛ بل ذكر غير واحد([59])
وذكر العلامة الدّكتور/ وهبة الزُّحيليّ صاحب الموسوعة الفقهيّة: "الفقه الإسلاميّ وأدلته" أنَّه يميل إلى قول الحنابلة و ابن القيم رغم أنَّ أدلة الجمهور أصحاب القول الأوَّل أقوى عنده، قال: "وفي تقديري أنَّ القول الأوَّل هو الأصح دليلاً، لكن يلاحظ أنَّ الشُّبان غالباً يستخدمون اليمين بالطَّلاق للتَّهديد لا بقصد الإيقاع، وهذا يجعلني أميل إلى القول الثَّالث، لاسيما وقد أخذ به القانون رقم (25) لسنة 1929م في مصر في المادة الثانية، وكذلك المادة (90) من القانون السُّوري على الأخذ برَأْي ابن القيم: لا يقع الطَّلاق غير المنجز إذا لم يقصد به إلاَّ الحلف على فعل شيء أو المنع منه، و استعمل استعمال القَسَم لتأكيد الأخبار لا غيره"([60]).













الخاتمة
الحمد لله ربّ العالمين في البدء والختام والصلاة والسلام على خير الانام وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الكرام .
بعد ان وفقنا الله تعالى لما وصلنا اليه اختم بحثي المتواضع بأهم النتائج، وهي كالآتي:
1.   المقصود بالحلف بالطَّلاق عند جماهير الفقهاء تعليق الطَّلاق على نحو يفيد المنع من الفعل أو الحمل عليه أو يبعث على التَّصديق فإنْ كان التَّعليق لا يفيد شيئاً ممَّا ذكر كأنْ يكون التَّعليق على أمر غير اختياريّ نحو: إنْ طلعت الشَّمس فأنت طالق، لا يُعَدُّ التَّعليق حينئذ يميناً بالطَّلاق؛ بل يقال له: "الطَّلاق بصفة".
2.   ذكر غير واحد من الأئمة الأعلام أنَّ إطلاق اليمين على الطَّلاق المعلَّق على الوجه الذي تقدّم ذكره عند الفقهاء هو مجاز لا حقيقة.
3.   قال أئمة الفقه في حكم الحلف بالطَّلاق دائر بين الكراهة والتَّحريم.
صور الحلف بالطَّلاق:
للحلف بالطَّلاق صورتان من حيث الصِّيغة، هما:
[1] التَّعليق اللَّفظي أو الحسَّيّ:
 وهو ما تمّ الحلف فيه بصيغة التَّعليق وذُكرت فيه أداة من أدوات الشَّرط في الصِّيغة نفسها، كأن يقول الزَّوج: "إنْ اغتبتُ مسلماً فزوجتي طالق"، أو "إنْ آذت والدتي فهي طالق".
[2] التَّعليق المعنويّ أو القَسَميّ:
وهو أنْ يتم التَّعليق دون ذكر أداة من أدوات الشَّرط لفظاً، وإنَّما يوجد معناها، كقول الزَّوج: "عليَّ الطَّلاق لا أفعل كذا" أو "عليَّ الحرام لم أغبنك في السِّعر" أو "الطَّلاق يلزمني إنْ أخذت متاعك".
وهذا النَّوع يشتمل على التَّعليق ضمناً؛ لأنَّ معناه: إنْ فعلت كذا أو إنْ غبنتك في السِّعر أو أخذت متاعك فزوجتي طالق.
4.   اختلف الفقهاء في اليمين بالطَّلاق أو الطَّلاق المعلَّق على ثلاثة أقوال :
القول الأوّل: يقع الطَّلاق المعلّق متى وجد المعلّق عليه سواء أكان فعلاً لأحد الزَّوجين أم كان أمراً سماوياً وسواء أكان التَّعليق قَسَمياً وهو الحثّ على فعل شيء أو تركه أو تأكيد الخبر أم شرطياً، يُقصد به حصول الجزاء عند حصول الشَّرط.
والقول الثَّاني: اليمين بالطَّلاق أو الطَّلاق المعلّق إذا وجد المعلّق عليه لا يقع أصلاً، سواء أكان على وجه اليمين ـ وهو ما قصد به الحث على فعل شيء أو تركه أو تأكيد الخبر ـ أم لم يكن على وجه اليمين ـ وهو ما قصد به وقوع عند حصول المعلّق عليه ـ وهو المُسمَّى: "الطَّلاق بالصِّفة". وهذا قول الظَّاهريّة والشِّيعة الأماميّة.
والقول الثَّالث: إنْ كان التَّعليق قَسَمياً أو على وجه اليمين ووجد المعلّق عليه لا يقع، ويجزيه كفارة يمين، وأمَّا إنْ كان التَّعليق شرطياً أو على غير وجه اليمين فيقع الطَّلاق عند حصول الشَّرط.

وصلَّى الله تعالى على نبينا مُحَمَّد e، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه وسلَّم تسليماً.  















المصادر والمراجع
القرآن الكريم
1. احكام النساء للشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان العكبري البغدادي المتوفي سنة (413هجرية) طبعة المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد سنة (1413هجرية-1993م).
2. الأحكام في الحلال والحرام للإمام يحيى بن الحسين بن قاسم الزيدي     المتوفي سنة (298هجرية)-الناشر غمضان-صنعاء سنة (1400هجرية).
3. إعلام الموقعين عن رب العالمين، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية (المتوفى: 751 هـ)،قدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان،شارك في التخريج: أبو عمر أحمد عبد الله أحمد، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية،الطبعة: الأولى، 1423 هـ
4. الخلاف لشيخ الطائفة أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفي سنة (460هجرية)-طبعة مؤسسة النشر الإسلامي-قم-الطبعة الأولى سنة (1417هجرية).
5.   رد المحتار على الدر المختار ( حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي (المتوفى: 1252هـ)، دار الفكر-بيروت
6.   زاد المستقنع في اختصار المقنع: موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الحجاوي المقدسي، ثم الصالحي، شرف الدين، أبو النجا (المتوفى: 968هـ)،تحقيق: عبد الرحمن بن علي بن محمد العسّكر، دار الوطن للنشر – الرياض.
7.   زاد المعاد في هدي خير العباد، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت - مكتبة المنار الإسلامية، الكويت،الطبعة: السابعة والعشرون , 1415هـ /1994م.
8.   سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، دار الكتاب العربي ـ بيروت
9. سنن الترمذي للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي المتوفي سنة (279هجرية) تحقيق عبدالرحمن محمد عثمان-طبعة دار الفكر-بيروت-لبنان-الطبعة الثانية سنة (1403هجرية-1983م).
10.      السنن الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ)،تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط/3، 1424 هـ - 2003 م.
11.  سنن النسائي للحافظ احمد بن شعيب النسائي المتوفي سنة (303هجرية) طبعة دار الفكر- بيروت-لبنان-الطبعة الأولى سنة (1348هجرية-1930م).
12.      السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)، دار ابن حزم،ط/1.
13.       شرائع الاسلام في الفقه الاسلامي الجهفري، للمحقق الحلي جعفر بن الحسن بن ابي زكريا بن سعيد الهذلي، باشراف الشيخ محمد جواد مغنية، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت ، 1978.
14.  صحيح البخاري للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة البخاري الجعفي المتوفي سنة (256هجرية) طبع بالاوفسيت عن طبعة دار الطباعة العامرة اسطنبول-مطبعة دار الفكر-بيروت-لبنان سنة (1401هجرية-1981م).
15.      صحيح مسلم بشرح النووي،أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي،سنة الولادة 631/ سنة الوفاة 676، دار إحياء التراث العربي، بيروت ، 1392
16.  صحيح مسلم للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري المتوفي سنة (261هجرية) طبعة دار الفكر-بيروت-لبنان (بدون تاريخ).
ط/1، 1411 – 1990.
ط/2، 1412هـ - 1992م.
17.  عمدة القاري شرح صحيح البخاري، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ)،دار إحياء التراث العربي – بيروت
18.      فتح الباري شرح صحيح البخاري،أحمد بن علي بن حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي،سنة الولادة 773/ سنة الوفاة 852،تحقيق محب الدين الخطيب، دار المعرفة
19.  الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها)، أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة، دار الفكر - سوريَّة – دمشق،ط/4، 1997.
20.  فقه الرضا لعلي بن بابويه المتوفي سنة (329هجرية) الناشر المؤتمر العالمي للإمام الرضا-الطبعة الأولى سنة (1406هجرية-1985م).
21.  الفوائد: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، دار الكتب العلمية – بيروت،الطبعة: الثانية، 1393 هـ - 1973 م
22.  كشاف القناع للشيخ منصور بن يونس البهوتي الحنبلي المتوفي سنة (1051هجريه) طبعة دار الكتب العلمية-بيروت-لبنان-الطبعة الأولى سنة(1418هجرية-1997م).
23.  المبسوط في فقه الامامية لأبي جعفر مجمد بن الحسن الطوسي المتوفي سنة (460هجرية)-طبعة المطبعة الحيدرية-طهران سنة (1387هجرية).
24.  متن الخرقى على مذهب ابي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي (المتوفى: 334هـ)، دار الصحابة للتراث، 1413هـ-1993م
25.       المجموع شرح المهذب: لأبي زكريا، يحيى بن شرف النَّوويّ، دار الفكر، بيروت، 1421 هـ
26.       المحلى: لأبي محمد بن حزم الأندلسيّ الظَّاهريّ، طبقة دار الفكر، بيروت
27.      المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)،تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت
28.  معجم البلدان، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ)،دار صادر، بيروت، ط/2، 1995 م
29.  المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى: 360 هـ،تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي،ط/2، 1983م.
30.       المغني: لابن قدامة، أبى محمد عبد الله بن أحمد بن محمد، مكتبة الجمهورية بمصر
31.      المقدمات: لابن رشد محمد بن أحمد بن رشد الحفيد، مطبعة دار السعادة، مصر
32.  المهذب في فقة الإمام الشافعي، أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (المتوفى: 476هـ)، دار الكتب العلمية




([1]) المجموع شرح المهذب: لأبي زكريا، يحيى بن شرف النَّوويّ، دار الفكر، بيروت، 1421 هـ، 18/306-307.
([2]) المغني: لابن قدامة، أبى محمد عبد الله بن أحمد بن محمد، مكتبة الجمهورية بمصر، 7/165-166.
([3])المغني: لابن قدامة، 7/169، الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ (الشَّامل للأدلّة الشَّرعيَّة والآراء المذهبيَّة وأهمّ النَّظريَّات الفقهيَّة وتحقيق الأحاديث النَّبويَّة وتخريجها)، أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، أستاذ ورئيس قسم الفقه الإسلاميّ وأصوله بجامعة دمشق - كلّيَّة الشَّريعة، دار الفكر - سوريَّة – دمشق،ط/4، 1997، 3/212.
([4]) البخاريّ مع شرحه فتح الباري، كتاب الأيمان والنَّذور، باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام، 11/537.
([5]) فتح الباري: للحافظ ابن حجر العسقلانيّ، 11/538 .
[6] شرح الأربعين النووية في الأحاديث الصحيحة النبوية، تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري، المعروف بابن دقيق العيد (المتوفى: 702هـ)، مؤسسة الريان، ط/6، 1424 هـ - 2003 م،

([7]) المغني لابن قدامة، مرجع سابق، 7/178-179.
([8]) الفِقْهُ الإسلاميُّ وأدلَّتُهُ ،أ. د. وَهْبَة بن مصطفى الزُّحَيْلِيّ، 3/215.

([9])رد المحتار على الدر المختار ( حاشية ابن عابدين)، ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي (المتوفى: 1252هـ)، دار الفكر-بيروت،ط/2، 1412هـ - 1992م، 4/465-466.
[10] بداية المجتهد ونهاية المقتصد، أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد القرطبي الشهير بابن رشد الحفيد (المتوفى: 595هـ)، دار الحديث – القاهرة، 1425هـ - 2004 م،2/170.
([11])المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله r، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي – بيروت،رقم الحديث ( 1646) 3/1267، بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى، ( واللفظ له)، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: 676هـ)، دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط/2، 1392، 1/168،  ، عمدة القاري شرح صحيح البخاري، أبو محمد محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد بن حسين الغيتابى الحنفى بدر الدين العينى (المتوفى: 855هـ)،دار إحياء التراث العربي – بيروت، 22/160.

([12]) المقدمات: لابن رشد محمد بن أحمد بن رشد الحفيد، مطبعة دار السعادة، مصر، 2/445-446.

([14]) صحيح مسلم مع شرحه: للنَّوويّ، 11/105 ،عمدة القاري شرح صحيح البخاري،  22/160.
([15]) النَّوويّ على صحيح مسلم، 11/106.
([16]) صحيح مسلم مع شرحه للنَّوويّ، كتاب الأيمان، 11/117.
([17]) شرح النَّوويّ على مسلم، 11/117.
([18]) المحلى: لأبي محمد بن حزم الأندلسيّ الظَّاهريّ، طبقة دار الفكر، بيروت، 10/211، مسألة رقم 1969.
([19])زاد المستقنع في اختصار المقنع: موسى بن أحمد بن موسى بن سالم بن عيسى بن سالم الحجاوي المقدسي، ثم الصالحي، شرف الدين، أبو النجا (المتوفى: 968هـ)
تحقيق: عبد الرحمن بن علي بن محمد العسّكر، دار الوطن للنشر –الرياض، 1/ 225.
.
([20]) حاشية ابن عابدين، 4/465 وما بعدها، والمقدمات: لابن رشد، 2/444، والمجموع: للنووي، 18/274-275، والمغني: لابن قدامة، 7/178 وما بعدها، والمحلى: لابن حزم، 10/211، مسألة رقم 1969.
([21]) المحلى: لابن حزم، 10/211،شرائع الاسلام في الفقه الاسلامي الجهفري، للمحقق الحلي جعفر بن الحسن بن ابي زكريا بن سعيد الهذلي، باشراف الشيخ محمد جواد مغنية، منشورات دار مكتبة الحياة ، بيروت ، 1978، القسم الثالث ، كتاب الطلاق ، ص53.وما بعدها.
([22])الفوائد: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، دار الكتب العلمية – بيروت،الطبعة: الثانية، 1393 هـ - 1973 م، ، 1/37.
([23]) المصدر السابق نفسه.
([24])  البقرة: 229
([25])السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار، محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)، دار ابن حزم،ط/1، 2002م، 2/349-350.
([26]) المائدة: 1
([27]) الإمام القاضي أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد القرطبي الأندلسي، الشهير بابن رشد الحفيد، صاحب "المقدمات" و"بداية المجتهد ونهاية المقتصد"، المتوفى سنة 595 هـ.
([28]) المقدمات: لابن رشد الحفيد، 2/444.
([29])زاد المعاد في هدي خير العباد، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)، مؤسسة الرسالة، بيروت - مكتبة المنار الإسلامية، الكويت،الطبعة: السابعة والعشرون , 1415هـ /1994م،2/125.
([30]) ورد في السُّنن الكبرى للبيهقيّ، السنن الكبرى، أحمد بن الحسين بن علي بن موسى الخُسْرَوْجِردي الخراساني، أبو بكر البيهقي (المتوفى: 458هـ)،تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت – لبنان، ط/3، 1424 هـ - 2003 م، 6/ 131 ، وفي المستدرك على الصَّحيحين للحاكم، المستدرك على الصحيحين، أبو عبد الله الحاكم محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نُعيم بن الحكم الضبي الطهماني النيسابوري المعروف بابن البيع (المتوفى: 405هـ)،تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت
ط/1، 1411 – 1990،2/57، حديث رقم 2270، ، وفي المعجم الكبير للطَّبرانيّ، المعجم الكبير، أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى: 360 هـ،تحقيق: حمدي بن عبد المجيد السلفي، دار إحياء التراث العربي،ط/2، 1983م، 4/275، برقم 4278.
([31]) البخاريّ مطبوع مع شرحه فتح الباري، كتاب الطَّلاق، باب الطَّلاق في الإغلاق الكره والسكران، 9/388.
([32])سنن البيهقي الكبرى،  7/ 356.

([33])المهذب في فقة الإمام الشافعي، أبو اسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي (المتوفى: 476هـ)، دار الكتب العلمية، 3/21
([34])المائدة : 89
([35]) مسلم مطبوع مع شرحه للنَّوويّ، كتاب الأيمان، 11/106.
([36]) المحلى: لابن حزم، مسألة رقم 1969، 10/213.
([37])متن الخرقى على مذهب ابي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي (المتوفى: 334هـ)، دار الصحابة للتراث، 1413هـ-1993م.1/ 118.

([38]) المحلى، 10/ 1969.
([39]) حمّام العين بتشديد الميم بالكوفة. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي، شهاب الدين أبو عبد الله ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي (المتوفى: 626هـ)،دار صادر، بيروت، ط/2، 1995 م،1/298.
([40]) مدينة بفارس، وقيل: إقليم. انظر: معجم البلدان لياقوت الحموي، 1/206 وما بعده.
([41]) المحلى، مسألة رقم 1969، 10/210 وما بعدها.
([42]) المحلى، 10/1969.
([43]) المائدة: 89
([44]) التَّحريم: 2
([45]) البخاريّ مع الفتح، كتاب الأيمان، حديث رقم 6649، 11/530.
([46]) سنن أبي داود، أبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني، دار الكتاب العربي ـ بيروت، كتاب الأيمان والنَّذور، برقم 3251، 3/223.
([47])إعلام الموقعين عن رب العالمين، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب المعروف بابن قيم الجوزية (المتوفى: 751 هـ)،قدم له وعلق عليه وخرج أحاديثه وآثاره: أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان،شارك في التخريج: أبو عمر أحمد عبد الله أحمد، دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع، المملكة العربية السعودية،الطبعة: الأولى، 1423 هـ، 2/ 89.
.
([48]) البقرة: 22
([49])الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق. 3/218.
([50]) الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي، مرجع سابق. 3/220.
([51]) البخاريّ مع شرحه فتح الباري، كتاب الأيمان والنَّذور، باب من حلف بملة سوى ملة الإسلام، 11/537.
([52]) الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي، 3/228

([53])الفوائد: 1/37.
([54])الفوائد: 1/39.
([55])الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي، 3/225.
([56]) البخاري مع شرحه فتح الباري، كتاب الطَّلاق، باب الطَّلاق في الإغلاق، 9/388.
([57])الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي، 3/228.
([58]) السيل الجرار: للشوكاني، 2/359-306.
([59]) المقدمات: لابن رشد، 2/445-446.
([60]) الفقه الإسلامي وأدلته: د. وهبة الزحيلي، 3/225.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق